معان بين الماضي البعيد والماضي القريب. الحلقة الاولى
تمهيد
يقول ابن خلدون حول العمران البشري في معان ان اختلاف الناس في احوال عمرانهم عائد لاختلافهم في معاشهم.. وعلى اساس هذا الفهم نجد الاستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت، يجول في المصادر التاريخية المبكرة لمعان ويحلل الادوار التاريخية التي مرت بها المدينة ويقارن المصادر ببعضها من اجل الوصول الى صياغة مشهد تاريخي، يليق بالمكان وتاريخه واهميته حيث يشكل الحد الفاصل بين اهل المدر والوبر برأي ابن خلدون. انها دراسة متينة وغاية في الشمول والدقة، تلك التي التفت الاستاذ البخيت الى ضرورتها، في عام 1983 ونشرها في مجلة دراسات تاريخية الصادرة عن جامعة دمشق. وساحاول وضع اهم مفاصلها امام القارئ دون انتقاص لتفاصيل المادة الهامة التي بينت ان للمكان خصوصيته الجغرافية والسكانية.
تفيد المادة التاريخية المتوافرة في المصادر العربية الاسلامية ان عدداً من العشائر العربية كانت قد انتشرت بشكل كبير وواسع في مناطق جنوبي بلاد الشام جوار ايله، معان، الشوبك، الطفيلة، الكرك. وكان اهل الحجاز عشية الدعوة النبوية وخاصة اهالي مكة المكرمة، على اتصال مع تلك العشائر عن طريق التجارة، كما وانهم كانوا على امام بجنوبي الشام. ومن العشائر التي تذكرها المصادر اضافة الى عشائر الغساسنة، عشائر: لخم، جذام، بلقين، بلي. ونظراً للزيادة المستمرة في اعداد هذه العشائر، فقد رأى البيزنطيون تنظيم علاقات هذه العشائر مع جهازهم الاداري ذي الصبغة العسكرية، لتوفير الامن والاستقرار في تلك التخوم المجاورة لجزيرة العرب. فنصبوا شخصاً من قبيلة جذام اسمه فروة بن عمرو بن النافرة الجذامي، ليكون عاملاً للبيزنطيين على العرب. وكان منزله في معان وما حولها من ارض الشام.