المناطق الاقتصادية .. تكريس لمبادىء التوزيع العادل للتنمية
شرط تحقيق التنمية في رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني هو أن تكون ملموسة في نتائجها ، تمس ويشعر بها كل أردني ، في مستوى معيشته ودخله وتعليمه والعناية الصحية التي يتلقاها . لكن جلالته وهو يحسم منذ اللحظة الأولى رؤيته التي عززها بالعمل والخطط والبرامج ، حرص على توسيع قاعدة المشاركة ومنها الاستماع إلى كل الآراء والحاجات والتطلعات ، وهو ما أمكن مشاهدته بوضوح خلال جولات جلالته في المدن والقرى والبادية الأردنية ، فجلالته .. يستمع ويدون الملاحظات ويستجيب . والملك إذ يعزز خطى التحديث والتطوير ، هو دوما يلفت الانتباه إلى رصيد الإنجازات التي تحققت وشكلت قاعدة متينة ترتكز بقوة عملية البناء المستمرة ، وقد قال جلالته في البدء ... ''إن الأردنيين الذين بنوا إنجازات الماضي لقادرون على العمل لبناء مستقبل أفضل وهو ما سيقومون به... مستقبل يقوم على القدرات الحقيقية والفرص الاقتصادية.'' إذاً ..
فان هدف تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية ورفع مستوى دخل المواطن هو في المقدمة ، كما أن هدف كل تلك الجهود هو أن يلمس المواطن الأثر الايجابي للتنمية، ومن هنا جاءت رؤية جلالة الملك لإيجاد آليات تنفيذية تسهم في تحسين مستوى حياة المواطن وتعينه على مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة ومنها كانت مبادرات جلالته في اطلاق المناطق الاقتصادية التنموية . يعرف جلالته الذي يحرص على تلمس احتياجات المواطنين بنفسه عبر جولاته المتواصلة الى محافظات المملكة ، معرفة تامة أوضاع وحاجات الناس ما يجعله دوما المبادر الى وضع برامج لتحسين مستوى حياة المواطن ، ببناء شبكة الأمان الاجتماعي .
وقد استثمر جلالته كل الإمكانيات المتاحة من أجل الانتقال بالتنمية الى نتائج ملموسة فقد كان هاجس الملك الأول هو تحسين نوعية الحياة لكل مواطن ومواطنة بوضع حلول جذرية ودائمة لمواجهة التحديات وتوفير مصادر تمويل إضافية وفرص عمل جديدة وإيلاء عناية خاصة لتنمية المحافظات.
تأتي مبادرات جلالة الملك عبدالله الثاني في إطلاق المناطق الاقتصادية التنموية ضمن سلسلة من المبادرات، الرامية إلى تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، هدفها وأساسها تحسين معيشة الإنسان الأردني، لتكريس مبدأ التوزيع العادل لمكتسبات التنمية، فهي من ناحية تأخذ بالاعتبار مبدأ المشاركة الفاعلة من المجتمعات المحلية وتهدف إلى تحريك الطاقات الكامنة في تلك المجتمعات من ناحية أخرى للمساهمة في البناء والإنتاج وبالتالي قطف الثمار. وتقوم فلسفة المناطق التنموية على قاعدة النهوض بامكانات المكان وجعله موقعا مناسبا للعمل وللحياة بأبعادها الثلاثة، الحياة المناسبة والبيئة النظيفة والتنمية المستدامة، التي يوفرها الحد من الهجرات نحو المدن. المبادرات الملكية في إنشاء المناطق الاقتصادية التنموية، تكاملية، فهي من ناحية تركز على الاستغلال الأمثل لميزات تتمتع بها منطقة دون أخرى ومن ناحية أخرى تكمل بعضها بعضا بمعنى التخصص واستغلال الموارد لإحداث التنمية على أساس الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية والتجهيزات الأساسية وشبكات المرافق العامة وتُسخّر القوى المشتركة للحكومة المركزية والقطاع الخاص لتشجيع الانتاج القادر على المنافسة، وتستفيد من الاتفاقيات العربية والدولية.
كما أنها تمثل تجربة مهمة لتطوير الإدارة والكوادر الوطنية الكفؤة من خلال تشريعات وأحكام خاصة، اذ يجري العمل على وضع قانون للمناطق الاقتصادية الأردنية التنموية لتنظيم النشاطات الاقتصادية في كل من محافظات معان واربد والمفرق. ان تركيز جلالة الملك عبدالله الثاني، في جهوده على توزيع مكتسبات التنمية على محافظات المملكة وفق الميزات التنافسية والتفاضلية التي تتمتع بها كل محافظة، يجسد رؤية جلالته في ان تحقيق النمو الاقتصادي بمعزل عن توزيع هذه المكتسبات لن يؤدي الى تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة. البداية كانت في محافظة العقبة، ثم تلتها في محافظتي المفرق واربد، ومعان لتكون هذه المناطق، روافع تنموية ونواة للانشطة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، واحداث نقلة نوعية في المسيرة التنموية، من خلال ايجاد حلقات تنموية متكاملة، تضع في سلم أولوياتها مكافحة الفقر والبطالة وتوفير فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. مبادرات المناطق الاقتصادية التنموية تهدف الى تعزز مسيرة نمو الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنوع والتغيير في مداخيل التنمية، كما تضيف بعدا استراتيجيا لقطاعات السياحة والصناعة والرعاية الصحية والدراسات العلمية وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من الميادين المختلفة.